أشكر الأخ وليد على هذا الطرح الواقعى لمشكلة نلمسها جميعاً و لا نتحدث فيها أو نصرح ، بل و أحياناً نلفق الإستجابة بأن نرضى بما يعانيه المدرس فى هذا المجال ، و نظل نرتق خروق الثوب بالمفاهيم المتعسفة و الإضافات و المقترحات التى لا تنتهى و بصراحة الكثير منها يوجع الدماغ ..... و لكن القضية ليست قضية جهة أو فرد ، و لكنها قضية إجتماعية فى المقام الأول ... و مرتبطة بثقافة المجتمعات ... و يمكننا أن نحصى الأهداف الرئيسية لأى فرد فى المجتمع ، سواء كان أباً أو مدرساً ، فإن فعلنا ، نجد أن أهمها لقمة العيش و النزعة الإستهلاكية ، و بالتالى ضمان المصدر و هو الوظيفة التى يجب أن تنتظرنى بعد التخرج ... و تبنى على هذا الأساس كافة الإتجاهات فى المجتمع و خصوصاً التوجهات التى تؤثر فى إقتصاد المجتمع و الأفراد ، و تتلخص فيما يلى :
1 - الإهتمام بالمقررات التى تساعد الطالب على أن يحقق مستقبلاً مهنياً و إعطائها المرتبة الأولى ... و بالتالى إغفال المقررات التى تعد من قبيل الهواية ... و هى فى نظر الكثيرين لا نفع يرجى من وراءها و لا مستقبل للطالب المهتم بها .
2- إذا قمنا بقياس الإتجاه السابق ، فسوف نجده للأسف ، قابع فى بؤرة التركيز فى عقل 99 % من البشر و خصوصاً ذوى الثقافة العربية .
3- يوجد القلائل من الخاصة فى كل بلد من الذين يهتمون بتكامل شخصية أبنائهم و تنمية مواهبهم فى كافة الإتجاهات و هؤلاء ينفقون الكثير على هوايات أبنائهم الخلاقة عن فهم و إقتناع و بتوجه ذاتى . و لكنهم قليلون و مثقفون أيضاً .!!!!!
4- أصبح دكاترة التربية الفنية الذين يتخرج من تحت أيديهم معلمو التربية الفنية مرتزقة ، و محترفى كسب الرضا ... و يكتفون ببعض التطبيقات التى تظهر مجهودهم الشخصى ... و يغفلون تدريس كافة القيم و المفاهيم المرتبطة بالمجال الذى يدرسونه . و لا يأتون بالجديد ، و يكتفون بتطبيق التجارب الناجحة فقط ، حفاظا على المظهر الخارجى الذى يقاس على أساسه إنجاز الدكتور .....
5 - أصبح مقرر التربية الفنية ... مقرراًً بمعنى الكلمة ، أى تملى فيه كافة التوجيهات و البرامج .. و يبتلى بعمليات القياس و وضع الدرجات ... و أضيف الكثير من الأعباء على المدرس ، الذى قد يصبح غير مقتنع بما يفعل .
6- فى إعتقادى أن الهدف الأساسى من التربية الفنية يمكن إكتشافه من خلال المتعة الحقيقية التى يجدها من يمارس هوايته و يحقق فيها ما هو غير متوقع . فيحاول أن يشرك الآخرين معه فى هذه المتعة و لو بالفرجة و إبداء الرأى ، فهل هذا السرور يمكن أن يكدر بإخضاعه للقياس و المعادلات و الدوامة التى لا تنتهى من الإرتباطات المنهجية .
7 - إن كل هذه المشاكل تعكس الثقافة الحقيقية للمجتمع ، و تضاف إلى رصيده فى الإنجازات سلباً أو إيجاباً .
8- خلاصة القول أن ما يتعرض له مدرس التربية الفنية ، أو المقرر ذاته لا يرجع إلى الفقر أو اللامبالاة و لكن يرجع إلى المفاهيم الرئيسية ، و فى نظرى يجب إخضاع أى مسئول عن جهة تعليمية لإختبارات دقيقة ترتبط باتجاهاته و إهتماماته الذاتية ا لمرتبطة بنوعية الخريج الذى يريده المجتمع ، فنحن لا نريد خريجين مسطحين لكى نضعهم على بعض ا لمقاعد الشاغرة ، و كل واحد و حظه ، و واسطته . و لكننا يجب أن نريد خريجين متكاملى الشخصية ، و المهارات ، من ذوى الإرادة ، يشقون طريقهم بأنفسهم ، و بقدراتهم ، و بذلك تبنى ثقافة و حضارة المجتمع ، و يستطيع أن يباهى بانجازاته فى كافة المجالات .
9- كما أرى أن تلغى كافة القواعد السابقة التى يقيم على أساسها المدرس ، و الدرجات أيضاً ، و أن نهتم بدور هذا المدرس و بإمكانياته الهائلة فى تطوير شخصية التلميذ و تكوين وجدانه ...
10 - فى إعتقادى أيضاً أن كثرة البرامج المرتبطة بالقياس و التقدم المنهجى فى مجال التربية الفنية ، مبنية على أساس لا ينم عن علم أصحابها بجوهر الموضوع ، و لكنهم يزيدونه غموضاً بكثرة التضارب فى الآراء و المفاهيم ، ملوحين بالمنهجية العلمية ، التى تسم كل معترض عليها بالجهل و الخوف من إبداء الرأى ... و فى رأيى أن الكثيرين منهم يجهلون الهدف الذى يعملون من أجله . و يتعسون كل من الطالب و المدرس بل و يضيعون على المجتمع مقدراته و قدراته . و لذا يجب أن نضمن للمدرس و للتلميذ الحرية فى اللعب و الممارسة و التجريب و لكن بعد إعداد جيد للمدرس و ترسيخ المفاهيم الإيجابية ... و لن يحدث هذا بين يوم و ليلة ... و لكن قد يحدث مع بزوغ شمس الريادة و التنوير ....للفرد و بالتالى المجتمع ..